نداء من مؤسسة ايزدينا لإنقاذ عفرين من المحاكم الشرعية الإسلامية
بعد سيطرة الجيش التركي إلى جانب الفصائل الراديكالية المتشددة من الجيش السوري الحر على مدينة عفرين والنواحي الإدارية الملحقة بها، في 18 مارس/ آذار الماضي، تم استصناع محاكم قضائية خاضعة للسلطة العسكرية ولفصائل الجيش الحر.
وتستند هذه المحاكم المحدثة في تبرير وجودها إلى "القانون العربي الموحد" الذي ينغلق على أحكام الشريعة الإسلامية وفقهها ويحدده مصدر رئيسيًا ووحيدًا للتشريع، ولهذه المحاكم تواجد في المدن السورية الأخرى التي لا تزال تحت سيطرة الجيش الحر .
ويعتبر "القانون العربي الموحد"، ليس سوى مشروع قانون تم إعداده في أروقة الجامعة العربية عام 1996، ولكنه لم يحظ بالإقرار والمصادقة عليه، وامتنع بالتالي تداوله وتطبيقه في أي دولة عربية حتى الآن ، وينص "القانون" على عقوبة القصاص وعقوبة الإعدام للمرتد وقطع يد السارق ورجم الزاني/ة وجلد شارب الخمر ، فضلًا عن عقوبات أخرى تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان المستقرة في العالم والتي تنظر هذه المحاكم إليها على أنها "مخالفة لشرع الله".
وفي وقت سابق تم رصد رجم امرأة في مدينة ادلب من قبل فصائل الجيش الحر اعتمادًا على "القانون العربي الموحد" ، وفي مدينة درعا أيضًا تم رجم امرأة بتهمة الزنى ، والرجم تعني رمي "المتهم" بالحجارة حتى الموت.
وانطلاقًا من احترامنا في مؤسسة ايزدينا الإعلامية العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، نتوجه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن وسائر المنظمات والمؤسسات الأممية والعربية التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، العمل بصورة فورية ومباشرة للضغط على الدولة التركية من أجل وقف العمل بهذه المحاكم غير الحقوقية والمتعسفة في عفرين وتقسيماتها الإدارية والجغرافية، كونها تتعارض مع روح ونصوص القوانين الدولية وتتنافى مع المعايير العالمية المعتمدة التي تصون حقوق الإنسان.
كما أن هذه المحاكم تطمس معالم "الدولة المدنية" وتغيّب الديمقراطية وتتجاوز على الحريات والحقوق بكل مسمياتها وانواعها، وعليه فإننا لا نجد أنفسنا في مؤسسة ايزدينا إلا أن ننوه أن هذا "القانون" الذي يعمل به في عفرين، الذي لم يجد له تداولًا في أية دولة من الدول المدنية في العالم يفتقر إلى "مبدا الشرعية الإجرائية" ويتجاوز على مبادئ حقوق الانسان الأساسية المقررة دوليا، ولا يتلاءم مع معطيات وشروط الدول المعاصرة بل يشكل شرخًا عميقًا لأحكام المنطق والعدالة والمعقول.
ونظرًا لأن الدولة التركية التي تمتلك مقعدًا في الأمم المتحدة تعتبر الشريك العسكري، بل الغطاء الشرعي لهذه الفصائل المتشددة في حربها غير المحقة على عفرين، فإننا نضع المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية أمام مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية من أجل التدخل الإنساني في عفرين وإلزام الدولة التركية بمراعاة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كما نحذر الحكومة التركية من خطر هذه المحاكم على طمس وتغيير الهوية الثقافية/المدنية لـ عفرين وعلى خصوصية الأقليات الدينية التي تقلق أن يكون استصناع هذه "المحاكم الإسلاموية" أصلًا أداةً ومدخلًا إلى ابادتها وتهجيرها، وإلزام من تمسك من أبناء هذه الأقليات بالبقاء على أرضها بالتنازل عن ثقافتها الدينية والتاريخية قسريًا بعد أن هرب منها القسم الأكبر نتيجة الانتهاكات التي ارتكبتها فصائل الجيش الحر.